16/09/2008

فقيه متهم بالنصب على امرأة في مبلغ 20 مليون سنتيم

غالبا ما يستغل عدد من المشتبه بهم ذكاءهم أو مظهرهم الخارجي للنصب على ضحاياهم، غير أن بطل القضية التي نعرضها في هذه السطور استغل الجانب الديني

وروج لمبدأ الخرافة. فقيه، متهم نصب على ضحية في مبلغ تجاوز 20مليون سنتيم، بعد أن طلب من الضحية خروفا سمينا وأشياء أخرى..تفاصيل قضية النصب تنظر فيها غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء.سبق لابتدائية تاونات أن أدانت أربعة متهمين في قضية نصب واحتيال بثلاث سنوات و10 أشهر حبسا نافذا وأداء غرامة مالية قدرها 8000 درهم، والقضية المذكورة يتابع فيها فقهاء ادعوا العلم باستخراج الكنوز، ومن تاونات إلى الدارالبيضاء لا تختلف وقائع القضيتين كثيرا، ويبقى القاسم المشترك بينهما النصب باسم الدين والفقه.عرف بجلبابه الأبيض الفضفاض وعمامته الخضراء وشعر ذقنه الطويل ومسبحته التي تزيده في نظر الناس مهابة ووقارا. اكترى بيتا بحي مولاي رشيد بالدارالبيضاء وتعمد أن يكون البيت بالقرب من المسجد ليتمكن من أداء جميع الصلوات جماعة، عرفه الناس في المنطقة بسرعة كبيرة وأطلقوا عليه اسم "الفقيه البركة" خاصة بعد أن أصبحت دروسه الدينية التي كان يلقيها في مسجد متواضع بالحي تستقطب الكثير من الناس.في أحد الأيام، عندما كان يهم الفقيه البركة بالخروج من المسجد بعد الانتهاء من صلاة الفجر، وجد امرأة تقف على بعد أمتار من باب المسجد، وتطلب منه أن يذهب معها إلى البيت ليقرأ بعض الأدعية على ابنتها التي لم تنم طوال الليلة الماضية بسبب آلام تجرعت مرارتها، وافق الفقيه المزعوم على ذلك، وذهب معها إلى بيتها، وأخذ الشيخ يضع يده على جبين الطفلة ويتمتم بأدعية غريبة، وأخيرا طلب منها أن تحضر له إناءً فيه ماء، أحضرت السيدة الإناء وبدأ الشيخ يقرأ عليه ويتمتم وبعد ذلك أعطاها الإناء وطلب منها أن تضع الطفلة في الماء لمدة خمس دقائق، مؤكدا لها بأن الألم سيزول بعد ذلك مباشرة، وعندما هم الفقيه بالانصراف، حاولت السيدة أن تعطيه مبلغا من المال لكنه رفض ذلك رفضا مطلقا.لم يمض وقت طويل على هذه الحادثة حتى تماثلت الطفلة للشفاء، وشاع خبر الفقيه الذي تشفي بركته الأطفال الصغار في الحي، بعد مدة وجيزة وجد الفقيه ثلاث سيدات تنتظرنه أمام المسجد وكل واحدة منهن تطلب طلبا خاصا، فالأولى كانت تريده أن يقرأ بعض الأدعية على ابنها، والثانية كانت تريده أن يقرأ أدعية تذهب عنها مرض المفاصل الذي لم يرحم شيخوختها، أما الثالثة فقد كانت تريده أن يعمل "تعويذة" لابنتها كي تتزوج، فرغم أنها تجاوزت الثلاثين عاما إلا أن أحدا لم يتقدم لخطبتها.استمع الفقيه لطلبات السيدات الثلاث وأبلغهن أن عليهن أن يأتين إلى بيته بعد صلاة العصر، وأن يكن طاهرات وعلى وضوء، في حين طلب من السيدة الثالثة أن تحضر له قطعة من ثياب ابنتها حتى يعمل لها "التعويذة" التي ستجعلها تتزوج خلال أسبوعين على أكثر تقدير.في الموعد المحدد جاءت النسوة الثلاث، فقرأ على ابن السيدة الأولى أدعية استمرت نحو 5 دقائق، وكذلك فعل بالنسبة للسيدة الثانية، أما الثالثة فقد أخذ منها قطعة الثياب التي تخص ابنتها ووضع فيها بخورا ثم جاء برأس دجاجة وأخرج ما فيه من مخ ووضعه داخل قطعة الثياب ثم لفها على شكل مثلث ثم وضع كل ذلك في قطعة من التوب الأسود وأغلقها بإحكام.وبدأ يقرأ عليها بعض الأدعية ثم أعطاها للسيدة وقال لها أن تضع هذا الحجاب تحت رأس ابنتها وسترى النتيجة المفرحة خلال عشرة أيام أو أسبوعين على الأكثر، حاولت النسوة إعطاءه نقوداً لكنه رفض ذلك، ولعن الشيطان الذي وسوس في رؤوس النسوة.خلال فترة لم تتجاوز الستة أشهر كانت سمعة الشيخ أشهر من نار على علم، وانتشر اسمه في المنطقة والمناطق المجاورة حتى أصبح بيته قبلة للمئات من النساء وبعض الرجال، بعضهم جاء يشتكي الشيخوخة وأمراضها، وآخرون جاؤوا يطلبون علاجا لعجزهم الجنسي، ومما زاد من شهرته وثقة الناس به أنه لم يكن يأخذ نقودا مقابل خدماته هذه، إلا أن بيته لم يكن يخلو من الهدايا التي كانت تحملها له هذه السيدة أو تلك.في أحد الأيام، جاءته سيدة يبدو عليها الثراء، وقالت له إنها سمعت عنه وعن بركاته وإنها جاءت إليه من منطقة بعيدة أملاً في أن يقدم لها يد العون، فابنها الذي يبلغ عمره 12 عاما يشكو من مرض غير معروف.فرغم أنه كان مثالاً للنشاط والحيوية إلا أنه فجأة أصبح يشتكي من ذبول جسده شيئا فشيئا، رغم أنها ذهبت به إلى أطباء عديدين إلا أن أحدا لم يستطع تشخيص حالته المرضية.طلب الشيخ من السيدة أن تذهب وترسل إليه من يأخذه إلى بيتها بعد صلاة العشاء، وهكذا فعلت، فبعد صلاة العشاء جاءت سيارة فارهة أقلّت الشيخ مبروك إلى فيلا ضخمة تتربع على كورنيش البحر، عندما دخل الشيخ إلى حديقة الفيلا وجد السيدة في انتظاره، رحبت به ترحيباً يليق بمقامه، وطلبت منه أن يدخل ليرى ابنها لكن الشيخ طلب منها أن يتجول في الحديقة أولا.بعد يومين عاد الشيخ إلى الفيلا وقال للسيدة إنه توصل إلى حل للطلاسم التي يمكن أن تشفي ابنها، لكنه مقابل ذلك يريد 200 ألف درهم، وخروفا سمينا وتيسا أبيض كي يذبحهما.. وبعد أقل من ساعة كان المبلغ في يد الشيخ المزعوم.وضع الفقيه المبلغ في جيبه ثم توجه نحو الخروف وذبحه بنفسه وقام بتصفية دمه ووضعه في إناء ثم أخذ الإناء وبدأ يتمتم عليه بأدعية، ثم قام بعد ذلك برش دم الخروف على جذور شجرة بالحديقة قبل أن يعد صاحبة المنزل بلقائها مرة ثانية، في حين احتفظ بالتيس بدعوى ضرورة نقله إلى زاوية الشيخ بحي مولاي رشيد.انتظرت السيدة ثلاثة أيام لكن الشيخ لم يأت، فذهبت إلى بيته وسألت عنه الجيران ومن في المسجد الذي كان يتردد عليه، فكانت تسمع من الجميع جوابا واحدا هو أنهم لم يروا الشيخ منذ ثلاثة أيام.أحست المرأة بأنها وقعت في يد نصاب وأن مبلغ الـ 200 ألف درهم ذهب إلى غير رجعة، فما كان منها إلا أن قدمت بلاغا إلى عناصر الشرطة القضائية التي عممت بدورها أوصاف الشيخ على جميع الدوائر الأمنية.بعد بضعة أيام جرى إلقاء القبض على الشيخ في مدينة أكادير، إذ اعترف لرجال التحقيق بكل ما نسب إليه، لكنه دافع عن نفسه قائلا إن السيدة هي التي جاءت إليه فهو لم يذهب إليها ليبتزها أو ليسرق أموالها، بل هي التي كانت تركض وراءه طالبة مساعدته.بعد إنهاء مجريات البحث والتحري من طرف عناصر الضابطة القضائية أحيل الفقيه المزعوم على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، بتهمة النصب والاحتيال.

Aucun commentaire: