04/07/2009

بوعادل: نبذة تاريخية

بوعادل ، قرية تشكل جزءا من صنهاجة الظل ، الواقعة على الضفة اليمنى لوادي ورغة ، التي تضم ايضا قريتي اولاد آزم وبني قرة . وهذه القرى الثلاث تكون حاليا جماعة بوعادل التي تبعد عن تاونات المركز بحوالي ثلاثين كيلوميترا . وتمثل صنهاجة الظل القسم الثاني مما كان يعرف سابقا باسم صنهاجة مصباح او لكي (نسبة الى جبل لكي احد جبال مقدمة الريف )، أما القسم الاخر فيعرف بصنهاجة الشمس ، الذي يضم عدة قرى منها : عين مديونة واولاد بوحسن ، وتيزغوان وبني سلمان . وقد حصل التمييز بينهما على اساس مايوفران عليه من مياه متدفقة وبساتين : فالقسم الثاني ، وخاصة قرية بوعادل ، يتمتع بوفرة المياه وتنوع الاشجار وكثرتها مما جعل ظلاله وارفة .

ويبدو من خلال عقود المعاملات والروايات الشفوية ان لفظي صنهاجة الظل وصنهاجة الشمس لم يتم تداولهما الا في عهد الحماية ، بينما كانت تعرف المنطقة قبل ذلك بصنهاجة مصباح او صنهاجة لكي او لكي فقط مثلما ورد عند الحسن الوزان ومارمول كاربخال ، حيث قدما لمحا عن علاقة لكي بفاس ، وبعض ما تنتجه من ثمار وغلات (الوزان ، ص261 ، مارمول ، ص 254.253). ومازالت المنطقة غنية بالاشجار المثمرة (حوامض ، تين ، زيتون ، رمان ، برقوق،كرز ، اجاص ...) بفعل تدفق المياه بكثرة من قرية بوعادل ، وقد اعطى "المنبع" شهرة واسعة للبلدة ، مما جعلها تستقبل اعدادا غفيرة من الزوار خلال فصل الصيف على وجه الخصوص .

وتضم قرية بوعادل حاليا خمسة مداشر ، هي : الظاهر واولاد ميمون واخراشة ، واولاد عرفة ودار المخزن التي عرفت بهذا الاسم باعتبار ان بعض افرادها عملوا في السلك المخزني ، ومن بينهم : القائد علي بن قدور احد قواد السلطان مولاي الحسن الاول ، ثم ولده القائد الطيب بن علي بن قدور وشقيقه محمد بن علي بن قدور المعروف بالقائد الهزهاز . وقد هاجر الى القرية في فترات مختلفة عدد من الاسر لاسيما من شمال المغرب ، ومنها اسرة التوزاني من بني توزين بالريف ، والغماري من غمارة ، والعلمي من جبل العلم ، والجزنائي من جزناية ، والدخيسي من دخيسة بنواحي مكناس ... ويدعي اولاد ميمون انهم اول من استوطن بوعادل .

شارك البوعادليون في المعركة التي وقعت بعين مديونة بين قرات المهدي المنبهي وقوات الجيلالي الزرهوني "بوحمارة" دعما لقوات المخزن ، من اعلى جبل لكي ، وسقط صريعا من جراء تلك الوجهة : احمد بن محمد بن المكي الازمي البوعادلي . وساهم البوعادليون في الانتصار الذي حققته صنهاجة بشطريها مدعومة ببعض الريفيين على القوات الفرنسية في معركة جبل لكي سنة 1334 /1916 التي اسفرت عن بقاء المنطقة خارج النفوذ الفرنسي الى سنة 1926، واستشهد خلال هذه المعركة خمسة بوعادليين ، هم : احميدو بن احمد بن علي العرفاوي ، احميدو بن المقدم ، احميدو بن عبد السلام الميموني واحميدو بن محمد الشاغ . وبعد اندحار الفرنسيين دخل الريفيون البلدة ، وعين الشريف الورياغلي صديق الشاري لتولي شؤونها ، غير انه لم يحسن التصرف وارتكب من الامور ما أغاظ السكان المحليين والزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ، فعزل وزج به في سجن تاركيست (البوعياشي ، 376.374 ) . وقد تجند عدد من البوعادليين للعمل ضمن عسكر المجاهد الخطابي ، ومنهم : عبد العزيز بن التهامي ومحمد بن عميمر بن الحاج الكواش وعبد القادر بن الفضيل وعلي بن بلقاسم استيتو ومحمد بن عمر المريني ومحمد بن محمد بن صالح المعروف باشويرح . وقد القي القبض على هؤلاء بعد استسلام محمد بن عبد الكريم الخطابي ، وحكم عليهم في عين مديونة بنزع سلاحهم واداء غرامة قدرها ستون ريالا.

لم يحظ اعلام البلدة باهتمام كتاب التراجم ، باستثناء الفقيه محمد بن عبد الرحمان الصنهاجي الذي ترجم له العربي المشرفي بقوله :"ومن علماء القرى العلامة الدراكة الفهامة ابو عبد الله السيد محمد بن عبد الرحمان الصنهاجي بقرية بوعادل ، وكان عالما ادبيا (...) ، تولى القضاء بجبل صنهاجة واحسن السيرة واخلص السريرة " (ص 458-459).

وقد عاصر الفقيه المذكور - المعروف محليا بالفقيه بن يعيش - فترة حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان ، وتولى خطة القضاء بالنيابة عن قاضي الجماعة بفاس على قبائل صنهاجة ورغيوة ومزيات حسب مايظهر من رسم مؤرخ بسنة 1288/1871 ، وخلف في ذلك القاضي علي بن رهون البوعادلي . ومازال العديد من سكان البلدة يذكرون زهده وروعه وعدله ، كما أن قبره الموجود قرب مسجد الغرارسة ببني قرة يستقطب الزوار خلال المناسبات الدينية .

ح.الوزان ، وصف افريقيا ، ج1: مارمول ، افريقيا : ع. المشرفي ، نزهة الابصار لذوي المعرفة والاستبصار ، محظوظ خ.، ع، ك 579 : أ.البوعياشي ، حرب الريف ، ج 2.

المكاوي أحمد - معلمة المغرب

Aucun commentaire: