01/09/2008

منتجع بوعادل السياحي بتاونات يخرج إلى الوجود

بعد مرور ست سنوات على صدام عنيف كانت مناطق متفرقة من بوعادل مسرحا له، خسر جراءه المكتب الوطني للماء الشروب 700 مليون سنتيم من استثماراته، والسلطات هيبتها، أمام جبهة ساخنة في بيئة ومشاهد جميلة قل نظيرها.

أشرف، أخيرا، الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، رفقة محمد فتال، عامل إقليم تاونات، على افتتاح مشروع الشطر الأول للمنتجع السياحي لبوعادل (27 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مدينة تاونات)، الذي أعدته عمالة الإقليم، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وهم المشروع بناء وتجهيز معبر مؤدي إلى منابعه وشلالاته ومجاري مياهه المعدنية العذبة، وإحداث مسبح عصري للسباحة به، ما سمح بتدفق سياحي قوي اعتبر من لدن رواده متنفسا وحيدا للهروب من حرارة الصيف ولهيب الشمس.

وقبل ست سنوات لم يكن بوسع السلطات المحلية للمنطقة ولا منتخبيها ترويض مواقف اخراشة وأولاد عرفة، ما اضطر السلطات الإقليمية آنذاك، لتستنجد بقوة عسكرية تابعة للحامية العسكرية بظهر المهراز في فاس، لمساندة قوات الدرك والمخزن والسلطات المحلية، على فك حصار كان ضربه سكان اخراشة وأولاد عرفة على مشروع المكتب الوطني للماء الشروب ومنبع بوعادل، تخوفا من تحويل مائه إلى مناطق أخرى، وأمام شوكة المقاومة التي أكان بداها سكان بوعادل الغاضبين، اضطرت القوة العسكرية للانسحاب والعودة إلى قواعدها دون استكمال المشروع المائي.

مقاومة شرسة للسكان ضد السلطة والمنتخبين

يتذكر البعض في ما يحكى من مذكرات مثيرة عن مواجهات بوعادل عام 2001، أن عجوزا في عقدها السبعين كانت قامت بشنق محمد أمغوز، الذي كان عاملا على الإقليم، من ربطة عنقه مهددة بخنقه، بعدما كان حل بالمنطقة للوقوف على الوضع الأمني.

لم تكن العجوز الجريئة على علم أن ذلك الشخص هو عامل الإقليم، والواقع أن الأمر لم يقف عند هذه "البهدلة" في حق رجالات السلطة، وممن تابع تلك الأحداث.

وتشير الروايات أيضا أن المستشار البرلماني، محمد السلامي، كان تعرض بدوره لمحاولة اعتداء بالضرب والجرح أمام وفد برلماني، حينما كان تدخل لإيجاد حل توافقي، فيما كان مجهولون عمدوا في واقعة أخرى إلى دحرجة خلايا مليئة بالنحل نحو سيارة رئيس دائرة تاونات السابق، ولولا فطنة هذا الأخير وإغلاقه لنوافذ سيارته، لكان لقي حتفه جراء لسعات النحل.

ولم يسلم قائد قيادة بني وليد وملحقة بوعادل، بدوره، إذ كان تعرض للرشق بالحجارة، ما تسبب في تهشيم زجاج سيارته.

وكان الشباب والمراهقون يعمدون لتفتيش السيارات الآتية إلى المنطقة، سواء كان هؤلاء زوارا أو مسؤولين، بينما كان زملاؤهم مرابطين بالأحراش وهم مدججون بالسلاح الأبيض، "المقدة والشواقر" استعدادا لأية مواجهة محتملة مع كل من يملك الشجاعة للمساس بمياه بوعادل، على أعقاب ذلك حدثت اعتقالات وإصابات بجروح في المواجهات، أدخلت المنطقة إلى تاريخ الأحداث من بابه الواسع.

فشل وساطات تذويب الخلافات بين بوعادل وأولاد آزام

وبفعل صراع الماء دائما، لم تفلح وساطات كانت جرت بين سكان اخراشة وأولاد عرفة "بوعادل" وبين قرية أولاد ازام، برعاية السلطة المحلية والمنتخبين، في تذويب خلافاتهما لإنهاء أزمة الماء الشروب والوادي الحار بمدشر أولاد آزام، حيث أضحى هذا الأخير بمثابة حي حضري في جماعة قروية.

وكان المسؤول الإقليمي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب يرى في تدخل الأعيان بالمنطقة حلا للأزمة، وأن ذلك من شأنه أن يشجع المكتب نفسه على إتمام مشروعه عبر أخذ 10 لترات في الثانية من مياه العين التي تبلغ 360 لترا/ الثانية في المواسم العادية لتزويد دواوير الجماعة المحرومة من الماء الشروب.

غير أن فشل الأعيان في إقناع سكان بوعادل على ذلك، دفعت بمسؤولي المكتب الوطني للماء الشروب إلى حفر بئر عند مجرى وادي ورغة لجر الماء إلى أولاد آزام، ورغم ما كلف المشروع من مصاريف، فإن سكان أولاد آزام ما زالت تتشبث بجلب الماء من منبع بوعادل، الأمر الذي كان محفزا على إيقاف المشروع والتخلي عنه بسبب ملوحة مائه رغم كلفته والصعوبات التقنية التي اعترضته، وفي غياب أية حلول تذكر فان أجواء التوتر

ما زالت تخيم على علاقات السكان المستفيدين من عين "بوعادل" وغير المستفيدين من المنبع، جلسات المصالحة في تقريب وجهات النظر على هذا المستوى لم تجد سبيلا لإنهاء نزاع عمر طويلا حول ثروة هذا المنبع، الذي تتدفق منه ما بين 300 إلى 460 لترا في الثانية.

عجز سلطات ومنتخبين عن تدبير الأزمة

حمل البعض المسؤولية للسلطات المحلية بضرورة العمل على توعية السكان على المستوى القانوني لاستغلال مياه المنبع.

ثمة قانون للماء بمثابة مرجع لتنظيم توزيعه، غير أن أهالي بوعادل المستفيدين، يرون، وفق الأعراف المنظمة لاستغلال مياه العين قبل عقود خلت، أنها توجز لهم حق التصرف من دون منازع إلى حد أضحت معه مياه العين في ملكيتهم ولا يجوز لجهة خارج نطاقهم حق التصرف فيها.

وفي هذا الإطار يرى مختص بقسم استغلال المياه لدى وكالة الحوض المائي لسبو أن ذلك الاعتقاد يعود إلى فراغ قانوني سجله تنظيم توزيع واستغلال المياه الطبيعية في ما قبل الحماية، مما كان عجل بفرض قانون 1914، المنظم لاستغلال المياه، جرى بموجبه تحديد الملك العام المائي والحصص الممنوحة للسكان المحليين وللتعاونيات الفلاحية والدولة، ثم عدلت بعض بنوده بقانون 10/ 95 قصد تشجيع استثمارات المكتب الوطني للماء الشروب، والخواص، في مجال تعبئة وتسويق المياه المعدنية الطبيعية، وتنظيم استغلال مياه العيون والحفاظ عليها من التلوث والتبذير، غير أن الذي جرى إقراره على هذا المستوى قوبل بتحفظات واعتراضات من قبل السكان المحليين، الذين يعتبرون مياه العين ملكا مشاعا للسكان دون غيرها وهو ما تذكيه، برأي المصدر نفسه، نعرات انتخابية وسياسية بتراب الجماعة المحلية المحتضنة للمصدر المائي ولمشروع الاستغلال.


www.almaghribia.ma

Aucun commentaire: